الأربعاء، 29 أبريل 2015

الولد

الولد الذي أخبرني
بحتمية الموت
كي أُولد من جديد،
الولد الذي يتحدث 
المصرية كأهلها
ويشرح لي سيميولوجية 
أغاني عبد الحليم،
الولد الذي يعشق المدن
عوضاً عن النساء
ويترك بها طيفه وحكاياته
وغراماً بالسكك الحديد،
الولد الذي يتطاير
شعره الأشقر 
وهو يتأرجح بهدوء
في الشوارع المجنونة
بقطع قديم 
في راحة اليد،
الولد الذي يشرب
عصير القصب في صحتي
ويخبرني بلطف
أن طباعي سيئة للغاية
وأنني على الأرجح 
سأنتهي وحدي،
الولد الذي يقرأ الشعر 
ويروي نكات حقيقية
لا تليق بخواجة عابر،
الولد الذي غادر 
ذات ليلة حارة
نحو مدينة جديدة،
تاركاً لي 
كتاباً، 
ومتمنياً لي
موتاً سعيداً
وميلادًا وشيكاً...

الخميس، 23 أبريل 2015

بداية

التفاحة في يدك،
إمتداد ذراعك 
نحو الأرض
إغواء مؤجل،
عروق ذراعيك
النافرة
طرقات مدينة 
ساكنة
أقيم نحوها
معابر الحلم،
قميصك الداكن 
ليل العالم 
في البدء،
إتكاؤك على الحائط
إنتظار 
للساعة صفر
لخلق الكون،
وكحواء جديدة 
خارجة من عدم،
أتقدم نحوك ...

ثم كانت تلك النظرة 
التي ألقيتها ؛
أغلقت عيني عليها 
قبل أن أطلق سراحها
 في الفضاء
فكانت الشمس
وكانت البداية ...

الثلاثاء، 14 أبريل 2015

بلا خوف

بلا خوف 
بلا احتياج
تلاشت أوهامي
كلها
أذا أتيت ذات مساء
دعني أتلصص قليلاً
على أوهامك،
وأقتنص تلك اللحظة
التي ستخاف فيها
ويرتعش صوتك،
ستحتاج يدي المدودة 
ببطء نحوك
لتستكمل 
حكاياتك.

بلا إهتمام
بلا كبرياء
بالكاد أفتح عيني
وأعبأ
لكن يروقني إهتمامك
بإطار على الحائط،
بدبوس مهمل
على الأرض،
ويباغتني كبرياؤك
كصعقة لقلبي
الميت.

في صمت
في عداء
يستقبلني العالم
وأستقبله،
يروقني سيرك الرشيق
في ردهات عقلي 
المعتمة
التي تنير خصيصاً 
لعبورك،
ثم لا شيء
لا شيء يحدث
سوى 
إنتظار الموت 

بلا خوف
بلا ندم.

الجمعة، 10 أبريل 2015

القبلة

أتساءل عن القبلة
التي تنتظرنا 
في نهاية المطاف
أفكر بها كثيراً
أراها تنتظرنا،
مبعثرة ووحيدة 
في كهف الترقب

تعال لنرتبها معاً
حتى تتحرر من الخوف

لا تغلق عينيك 
وأنت تتقدم نحوي
أريد أن نظل واعيين 
بامتداد اللحظات،
لا تبحر وحدك بعيداً 
وتتركني، 
ربما تلمس بأناملك أولاً فمي،
فمي الذي يمارس الصمت 
الذي يبتسم لك في سرية
الذي أزمّه أحياناً
حتى لا ينفلت قلبي
تحت قدميك.

أُنظر في عيني طويلاً
النظرة عهد 
النظرة حظوة،
إمسك يدي قبل أي شيئ
حتى أطمئن
بل أقول لك:
تمسك بكتفاي
كي لا أتبعثر
كي لا تتبعثر 
كي نبقى معاً...

عندها سأكون جاهزة
تماماً،
وواثقة أنك
لست ذلك القاسي
الذي يجمع الأرواح 
من طرف قبلة،
ويضعها في صندوق سري
في اللحظة نفسها 
التي تغمض فيها الضحية 
عينيها
لتمنحك إياها 
طواعيةً...

الأربعاء، 8 أبريل 2015

ال هُناك


ال هُناك
أجمل ما في هذه الحياة،
أنا الآن به
أكتب منه تلك القصيدة.

كل التفاصيل رائعة
في وقتها تماماً،
ال هُناك البعيد
كل شيئ به ممكن
ونافذ،
يتسلل بلا عناء،
طالما كان هناك،
حتى أن النهار يلمع،
والشمس ساطعة
والطرقات واسعة
والبشر يبتسمون لي 
بلا سبب محدد،
وكل رغباتي
- كلها - 
تتحقق .

الأحد، 5 أبريل 2015

تفادي

أنا بارعة في تفادي البشر،
يكفيني منهم بعض ثوان،
الوقت الكافي للتعثر 
في ظل ابتسامة،
أو ضي في العين،
أو شامة في مكانها الصحيح،
أتشاغل بعدها بالنظر
لمفتاح في يدي،
لجوانب أظافري الناتئة
أو أشرع في تصحيح 
مسار زر على وشك السقوط.

أنا بارعة في تفادي الحب،
بعين مخفضة وبجانب وجهي
أراه جيداً يشتعل،
يثور ،
يتقدم ويتعثر،
يتألم،
ثم رويداً رويداً
يذبل
في صمت ، في تواطؤ
وأنا متشاغلة عنه 
بجدار 
أو قصيدة.

أنا بارعة في تفادي الحياة،
تجنبها يمنع الخطر،
يصد الخوف والألم،
أقابلها بصمت
أدير لها ظهري،
ولدى رحيلها
أكتفي بالوقوف بنافذتي
ومراقبتها
بطرف عيني
وهي تهبط التلال 
نحو الغروب
كغراب حزين

في هدوء
في أمن ...

الأربعاء، 1 أبريل 2015

قطار

ذات مرة 
أحببت قطاراً،
القطارات رائعة في الحب،
وفضلاً عن إخلاصها،
تتبع مسارات 
مبهجة وآمنة.

كان قطاري 
الطيب المهيب
في كل محطة 
يثرثر بإسمي كثيراً
وبأشياء عن الحب
بين البشر والقطارات،
يذهب دوماً في مرح
ويصل لمحطات الحلم البعيد،
يعود لي في أخر اليوم
بوردة برية لشعري،
أو صدفة من البحر،
أو حكايات عن الناس والبراري
أصنعها تمائم للدهشة،

فقطاري كان يحب الناس
ويضحك كثيراً على نكاتهم،
كان يسمح لي بالنوم 
على نوافذه،
والنزهة 
داخل طرقاته الطويلة،
وأحياناً كان يصحبني
إلى المحطات البعيدة.

كنت أفكر 
أن المدينة أثقلتني 
بالخوف
وأن الهرب معه
أو الموت به
نهاية لطيفة لحكاية مشابهة،
لكن قطاري
كان يريد الحياة والمرح
بكل المحطات القادمة 
وصدمته تماماً
أفكاري عن الهروب أو الموت.

رحل قطاري
ذات يوم 
تاركاً رسالة على الرصيف:

أنه لم ولن يكون أبداً
سبباً في سرقة روحي
من المدينة
أو الحياة ...