الخميس، 26 فبراير 2015

مثابرة

رجل الثلج
يقف بالخارج 
وحيداً
تتجاور 
وحدته مع وحدتي 
في صمت
في تواطيء
بطيبة وتفهم.

الخبز الذي
ألقيته على نافذتي
منذ أيام
لتأتي عصافير
وتصير حياة،
خطفه غراب أسود
ثم فرد جناحيه
على الأفق
وطار.

الطرقات المرحة
التي تصل إليك
في بيات شتوي
والأشجار رحلت
إلى الجنوب
تاركة ظلالها
أشباحاًرمادية.

أتمدد في وحدتي الرطبة
وبكل مثابرة العالم
انتظر منك
تلك الإبتسامة
كي يأتي 
أخيراً
الربيع .

الأحد، 15 فبراير 2015

عن الست وزمن التدخين المسموح

لم أفهم أبدا الرجال والنساء بحفلات أم كلثوم ، الذين يستمعون لها وهم يدخنون ، تصدح الست بكل كيانها المدجج المُطلق على المسرح وتتصاعد أدخنة السجائر في المسافة بينها وبينهم ، أي فعل رديء! كيف سمحت لهم هؤلاء الجهلاء، وكيف  لم يقض عليها ذلك مبكراُ؟
أراهم جميعاُ بثياب السهرة ، بوجودهم الأزلي في تلك المساحة الصغيرة التي تتكرر كلما كررنا الأغنية ، في نفس الزمن إلى ما لانهاية ،في نفس الزهو مجمدين في سلطنتهم الخالدة، ويتصاعد الدخان...
بتمهل وبتلذذ يدخنون وهم يتأوهون ، غافلون عن أزمات العالم اللاحقة ، والسابقة ، مدموغون بزمنهم الرتيب ، المؤكد ، فكل هانم ستردي لباس سهرة أنيق سيأتي من المكان الفلاني وستكويه الخادمة أو المكوجي على أول الناصيةفي الهرم الإجتماعي، وستذهب حتما لحفلة من حفلات الست بصحبة الزوج وربما تكرر الحفلات مع السجائر المشتركة ، عندما كانت المساحة ممكنة ومتاحة لنفث دخان ما ، عندما كان للعالم أعمدة وزوايا وعندما كانت الست هي الست: المطلق للغناء والمطلق في الكون ،الثابت لمتغيرات ضبابية.
 دورة الحياة كانت غير مشكوك فيها ، ميلاد فبلوغ فزواج فنهاية حياة تليق بدائرة يجب أن تستمر بلا كدر ما ، تلعب الفلسفة علي الهامش، لا ماركسية ستهدد ولا مابعد كولانية ستغير ولا وجودية ستهزم أسطورة الست ، الست الأبدية المصنوعة من فولاذ مستمر لا يهزمه شيئ لا حضور ولا عشق ولا دخان سجائر ولا موت.
أمي وأبي نالا نصيبهما من الست ، أبي قام بواجبه في دورة الحياة على أكمل وجه ، وكرجل أصيل ، هو أيضا سافر واجتهد وعمل لشراء البيت وتأمين الحياة ومن ثَم إنجاب الأولاد وبالطبع الحصول على  كاسيت يخرج منه أغاني الست يستمع لها باليل ، الست لليل لا للنهار ، مع سُحب السجائر التي كان تصل إلينا وتستقر في رئتنا مع تذمرنا الأهوج من طاغوت صوتها ،ومات في نهاية الأمر راضياُ ربما عما أنجزه.
العالم يبدو بلا أعمدة ، سائلاً ثقيلاً حتى الأعناق، أصبح التدخين ممنوعاً في الأماكن المغلقة ، كنا لنحصل على صورة أرقى، بلا ضباب لو استمرت الست ، علّنا لم نغرق في كل هذا الشتات
فيما كان الدخان؟ لماذا يتغيب رجال وسيدات لم يروا الرؤوس المقطوعة بديلا عن كرة القدم ، وراء سحب الضباب والأحلام بالليل المديد؟ كيف كان مذاق أول مرة استماع لأغنية مثل "رق الحبيب" أو "يا مسهرني" ، لماذا لم يسجل أي رسام استشراقي في لوحات هذا الأثر الأولي المندثر؟؟
لن نعرف، فكل لاحق على الست هو إعادة لحلم منقضي خالد في مكمنه الأول، لكننا نستفيد بالتأكيد من القانون  الصارم ولافتات "ممنوع التدخين"....


الخميس، 12 فبراير 2015

رسالة

الآن وقد خُصمت
تلك الأعوام
من حياتي،
لازلت في نفس الطريق
الطويل
لم أصل بعد
ولا أملك التوقف،
لا كنوزاً رأيت،
ولا نهايات سعيدة،
بل مزيداً من التعب،
مزيداً من العبء،

وأصفاراً متوسطة 
من الحكمة.

أنظر لعقلي الرشيد
كما أنظر لوغد
أوصلني لكل هذا،
وفي نهاية المطاف 
لا أملك الهروب منه،
يختلي بي
ويخيفني
يغريني بالذهاب معه
إلى أخر المنحدر،
أتبعه كما أتبع
شيطاناً،
يغريني بالبحر،
بالحلم،
بعالم يبدأ من جديد
ثم أجد تلك العلامات
في الطريق
أنه سيتركني
أو يأخذنا معاً
للرحيل،

أتبعه بلا حيلة
أتبعه بلا قلب،
كإمرأة يائسة
تتبع عشيقاً
وغداً.

الأربعاء، 11 فبراير 2015

If I could



"De la musique avant toute chose"
  Paul Verlaine

الأربعاء، 4 فبراير 2015

رسالة

تلك الليلة 
حلمت بالحرب العالمية ،
كنت لامرئية 
أسحب خلفي
طفلاً رضيعاً
أتجول به
في الشوارع الخلفية
لتاريخ الحلفاء،
كنت أخبركِ 
عن أرقام بالألاف 
للبؤس،
وأقول لكِ
بحكمة من خبرتْ الحقيقة
أنه دوماً 
هناك من يخرج سالماً
من الحرب،
وأن الجسد يدفع الثمن
في كل الأحوال،
فهو عملة رائجة
لتبادل الخبز،
وطريدة مثيرة 
للبندقية،
وكرسي للإعتراف،
وملعب للألم،
والخوف،
ودمية الموت
المفضلة.